المهندس محمودكمال يكتب “مصر بين سكين الغضب وهاتف الجريمة.. حين يتحوّل الاتصال إلى إشعال للفتنة”

✍️ بقلم: د. محمود كمال
لم تعُد نشرات الأخبار تُدهشنا. فكل يوم جديد يحمل معه قصة مأساوية… جريمة قتل، اعتداء، أو مشاجرة تتحول إلى مأتم.
لكن المثير حقًا، أن مشاهد العنف لم تعُد حكرًا على الميادين أو الأحياء الشعبية، بل انتقلت إلى الشاشات، ومن ثم إلى عقول الشباب، عبر وسائط الاتصال التي تُفترض أن “تقربنا”، فإذا بها تسهم في إشعال الفُرقة.
في الآونة الأخيرة، تضاعفت حوادث القتل في مصر بشكل يدق ناقوس الخطر. لم تَعُد الجريمة وليدة لحظة جنون، بل أضحت “خيارًا” سهلًا لدى البعض في لحظة انفعال، أو نتيجة تحريض إلكتروني، أو حتى بدافع الشهرة عبر “لايف” غاضب لا يُمحى بسهولة.
من مشاجرات على أولوية المرور، إلى خلافات أسرية تُحسم بطعنات، مرورًا بمراهقين تحوّل خلافهم في لعبة إلكترونية إلى فاجعة… ما الذي يحدث؟ وأين ذهب “الستر” المصري الذي كان يمنع الفضيحة قبل وقوعها؟
🔍 منظومة القيم على المحك
لم يكُن المجتمع المصري يومًا غريبًا عن الغضب أو الاختلاف، لكن كانت هناك ضوابط غير مكتوبة، رادعة ومهذبة. اليوم، في ظل الانفتاح الرقمي المفرط، والانهيار التدريجي لمنظومة التربية داخل الأسرة والمدرسة، تغيب لغة الحوار، ويعلو صوت السلاح الأبيض والأسود (الهاتف).
📱 القاتل الإلكتروني الصامت
الهواتف، التي تفتح لنا نوافذ على العالم، أصبحت منصات لتفريغ الغضب وتكريس الكراهية. التحريض، التنمّر، بث المشاحنات، و”تصفية الحسابات” أمام الكاميرا، كلها أسباب تشحن العقول، فتتحوّل الكلمة إلى طعنة، واللايك إلى لعنة.
👨👩👧👦 ما الحل؟
ليس الحل أمنيًا فقط، ولا قانونيًا فقط، بل يجب أن يبدأ من “جذر المسألة”: التربية، الإعلام، والتعليم.
نحتاج إلى ثورة قيم، لا تقل أهمية عن أي إصلاح اقتصادي. نحتاج إلى أن نُعيد لمفهوم “الستر”، و”الصبر”، و”الرحمة” هيبته في النفوس.
🧭 ختامًا…
مصر، التي عبرت قرونًا من المحن، قادرة على أن تعبر هذه الأزمة، لكن بشرط: أن ننتبه لما يُزرع في عقول أبنائنا، قبل أن نحصد نحن ثمار دماء لا تجف.