Uncategorizedمقالات

الباحث محمودكمال يكتب “مستقبل الشرق الأوسط وسط الصراعات الأمريصهيونية وتداعياتها على مصر

بقلم د. محمود كمال

يشهد الشرق الأوسط تحولات استراتيجية عميقة نتيجة الصراعات الممتدة بين القوى الإقليمية والدولية، وفي القلب من هذه الصراعات تبرز التحالفات الأمريكية-الإسرائيلية (الأمريصهيونية) باعتبارها من أكثر الفواعل تأثيرًا في تشكيل ملامح المنطقة. تتعدد أوجه هذه الصراعات، من الدعم العسكري والسياسي لإسرائيل، إلى التدخلات الأمريكية المباشرة وغير المباشرة في الدول العربية. وتعد مصر، بحكم موقعها الجغرافي وثقلها السياسي، من أبرز الدول المتأثرة بهذه الديناميات.

أولاً: طبيعة الصراع الأمريصهيوني في المنطقة

1. التحالف الاستراتيجي: تقوم العلاقة بين الولايات المتحدة وإسرائيل على أسس راسخة تشمل التعاون العسكري والاستخباراتي والدعم الاقتصادي والسياسي، ما يجعل من إسرائيل أداة متقدمة للسياسة الأمريكية في المنطقة

2. المحاور الإقليمية: تحاول الولايات المتحدة الحفاظ على توازن قوى يخدم مصالحها، مستخدمة إسرائيل كحاجز أمام تمدد قوى إقليمية مثل إيران وتركيا، ما يؤدي إلى تغذية الصراعات المذهبية والطائفية.

3. القضية الفلسطينية: تمثل نقطة ارتكاز في الصراع، حيث تسعى السياسة الأمريصهيونية إلى تصفيتها عبر مشاريع مثل “صفقة القرن” وتوسيع الاستيطان وتهويد القدس، في تجاهل واضح للحقوق الفلسطينية والقرارات الدولية.

ثانياً: تداعيات هذا الصراع على مستقبل الشرق الأوسط

1. تفكيك الدول الوطنية: شهدت دول عدة (العراق، سوريا، ليبيا، واليمن) انهيارات بفعل تدخلات مباشرة أو عبر وكلاء، ما يعزز التقسيم الطائفي والعرقي ويؤسس لواقع جديد يخدم المصالح الأمريكية والإسرائيلية.

2. تراجع القضية الفلسطينية: في ظل اتفاقيات التطبيع وغياب إجماع عربي فعال، باتت القضية الفلسطينية مهددة بالتهميش، مما يؤثر على استقرار المنطقة ككل.

3. تسليح المنطقة: تزايد مبيعات السلاح للدول العربية وتوجيهها نحو صراعات جانبية بدلاً من ردع إسرائيل، ما يعمّق التبعية الأمنية ويضعف السيادة الوطنية.

ثالثاً: التداعيات على مصر

1. الضغوط السياسية والاقتصادية: تتعرض مصر لضغوط تتعلق بتوسيع التعاون مع إسرائيل في ملفات مثل الغاز والطاقة والأمن، مما يؤثر على استقلال القرار المصري.

2. قضايا الأمن القومي: يشكل الملف الفلسطيني تهديدًا مباشرًا للأمن القومي المصري، خاصة في ما يتعلق بقطاع غزة وسيناء، حيث تؤدي السياسات الأمريصهيونية إلى تغذية حالة عدم الاستقرار.

3. الدور الإقليمي المصري: تتراجع قدرة مصر على التأثير الإقليمي في ظل التوسع الإسرائيلي في علاقاته مع دول عربية أخرى، وضعف الدعم العربي الموحد.

رابعاً: سيناريوهات مستقبلية

1. السيناريو السلبي: استمرار الهيمنة الأمريصهيونية وتراجع دور مصر والعرب، مما يؤدي إلى تفكيك إضافي للمنطقة وتهميش القضية الفلسطينية بشكل كامل.

2. السيناريو الإيجابي: إمكانية تشكّل محور إقليمي مقاوم للهيمنة، يضم قوى عربية وإسلامية توحد جهودها لحماية المصالح المشتركة وإعادة التوازن الاستراتيجي.

3. السيناريو الواقعي: بقاء الوضع على حاله مع تغييرات تدريجية، ومناورة مصر للحفاظ على مصالحها عبر توازن العلاقات بين الغرب والدول الإقليمية الأخرى مثل الصين وروسيا.

تبدو صورة الشرق الأوسط قاتمة في ظل تنامي النفوذ الأمريصهيوني، لكن لا يزال أمام الدول الكبرى كـمصر فرصة لاستعادة دورها القيادي عبر تعزيز استقلال قرارها السياسي، وتبنّي سياسة خارجية متوازنة، وتحقيق تنمية داخلية تقلل من تأثير الضغوط الخارجية. إن مستقبل المنطقة مرهون بقدرة شعوبها وحكوماتها على بناء مشروع عربي جامع يضع الأمن القومي العربي في صدارة أولوياته.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار