مقالات

لا بديل لي عن وطني إلا وطني  و لا ولاء إلا لملكي 

لا بديل لي عن وطني إلا وطني

و لا ولاء إلا لملكي

 

شبكة النايل الإخبارية : محمد الجامعي

 

عندما أُجبرت على الهجرة، نطق مدبر المؤامرة التي زجت بي خلف القضبان كلماته المشهورة: “لقد أسدلنا الستار على الفصل الأخير من قصة النهضة. لن تروه بعد اليوم، فقد رحل ولن يعود. وإن قُدر له العودة، فلن يكون إلا جثمانًا في تابوت، جسداً بلا روح.” هكذا كانت أمنياتهم وتمنياتهم.

 

واليوم، بعد عقدين من الزمن، ها أنا أعود إليكِ قادماً من البعيد، أجرُّ خلفي سنيناً ثقيلة من الأنين والكوابيس المتراكمة. امتطيتُ بساط الريح ليقودني إليكِ، عائداً لأروي ظمأ المواسم العجاف تهتُ في عالمٍ غريب، من دخله فُقِد ومن خرج منه وُلِد من جديد. عالم ضيّعني وضيّعتُ فيه كل شيء، عالم مليءٌ بالعبث والدموع والألم. كم انتظرت وتمنيت أن أكون طائراً ينبت له الريش، فآتي مسرعاً للقياكِ.

الآن، قررتُ العودة لأبحث عن ذاتي فيكِ من جديد، وعن روحي التي دفنتها تحت ترابك لتعيدها إلى جسدي يا وطني. كيف لي أن أستغني عنكِ وأنتِ نَفَسي وحياتي؟ ما زلتُ أحمل رغبة جامحة في أن أكبر بين دروبك الضيقة و شوارعك الواسعة حتى يغزو الشيب رأسي.

لقد تهتُ بدونكِ في دروب المهجر، حتى فقدتُ الرغبة في رؤية وجهي أمام المرآة كل صباح، متجنباً رؤية التغيرات التي طرأت على ملامحي ولون شعري.

حين غادرتُ وطني، لم يمنحني الزمن فسحة لأتلو عليكِ خطبة الوداع. سافرتُ على عجل إلى عالمٍ كله عبث وحرمان، أقضي يومي في غابة من الفراغ، أتغذى على الوحدة، وأنام على وسادة محشوة بالغربة.

 

اليوم ، عدتُ إليكِ بجسدٍ نقي، بعد أن طهرته من كل الكوابيس الطائشة، لأستعيد أحلامي المجهضة التي فضّلت الانتحار في ليالي الغربة.

اعذرني يا يا وطني إن عدت اليك في ساعة متأخرة من العمر، فروعة اللقاء بعد الغياب تؤجج للوجود ساعة صفاء، تمنحني شراع الحلم لأعبر إليكِ حتى لو نفرت مني كل الرياح والمسافات.

لا تنشغل بي يا وطني ، فقد عدتُ بحنينٍ أقوى مما كان، وسيظل كذلك على مر الزمان. أنتِ الوطن الواحد الذي لا يتكرر ولا يولد في كل مكان.

‎عذراً يا وطني على رحيلي. لم تكن هجرتي مخططة، ولم تكن حتى فكرة تداعب خيالي. لم أشعل لها سراجاً، حتى فجأة وجدت نفسي في مكانٍ غريب لا أنتمي إليه. كانت تلك المغامرة الجميلة بمثابة جريمة عوقبت عليها بحبٍ لا ينتهي. كنت ضحية عشقٍ صادق وشغفٍ متأجج تجاه ما أحببت، ولم أكن أتخيل أنهم سيحولون شغفي إلى جريمة يعاقبونني عليها. لقد دفعت ثمن نجاحي ونضالي غالياً.

 

لقد سلبوا مني كل شيء، وجردوني من كل ما أملك، إلا أنهم لم يستطيعوا انتزاع حبي لوطني وولائي لملكي.

ها أنا عدت و ما احلى الرجوع إليك… إليك… إليك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى
آخر الأخبار
«مدرسة القصاصين الثانوية.. تجربة إدارة أعادت الانضباط وروح المكان» طالب التعليم الفني «محمود كمال» يحصد المركز الأول في اللجنة الرياضية على مستوى إدارة القصاصين التعلي... رئيس مياه القناة يتابع جاهزية سيارات ومعدات الشركة بمحافظة بورسعيد لاستقبال موسم الشتاء ابوجهامة: رئيس جمعية مجاهدى سيناء مؤتمر شرم الشيخ يضع مصر فى القمة مياه القناة: محطة صرف المستقبل تعمل بكامل طاقتها وانتظام ضغوط مياه الشرب بمدينة المستقبل مياه القناة : دورة تدريبية للعاملين في مجال السلامة المهنية «أمانة العمل الجماهيري بحزب مستقبل الوطن تكرم أبطالها.. احتفالية بروح العائلة الواحدة»  مياه القناة : رئيس مياه القناة يتفقد عدد من مواقع العمل بقطاع السويس رئيس مياه القناة يتابع الموقف التنفيذي لأعمال الإحلال والتجديد لخطى طرد محطة صرف صحى المستقبل مياه القناة : اجتماع موسع لمتابعة الموقف التنفيذى لمشروعات مياه الشرب والصرف الصحى بالاسماعيلية